جنون, ضمير, قهر, موت, انتظار, كوفية, أيضاً موت, ومرة أخرى جنون..
كلمات تزدحم أمامي صوراً استحال عليَ استيضاحها, فنظراتي بطيئة أمام اشارات عقلي, ضاعت الجمل وبقيت مفردات حاولت قولبتها, أشرب وأدخن , وأحاول.. فأفشل.
الأن أنهيت قراءة كتاب رافق سهرتي وكأس النبيذ, لا أعلم لماذا بدأت الشرب الليلة ! رغم أني أمني نفسي كل ليلة بالثمالة, فلا أسمع أو أرى أو حتى أعذب نفسي بما يحدث داخلي وخارجي, إلا أني بدأت أشرب دون تفكير .. لعلي أردت أن أصرح بالجنون علناً الليلة, لكن أنا مجنونة منذ زمن , منذ بدأت أفكر , رفضت كل ما لا يرضيني ويقهرني, واجهت أمي بجنون حين كانت تبكي لسفر اخوتي , وحين تنهك جسدها بأعمال المنزل, رفضت اغلاق الشبابيك أثناء الامتحانات المدرسية, كنت طفلة حين ضربت معلمتي وهربت من المدرسة, كذلك فعلت للولد الذي اعترض طريقي مرة في الشارع, رفضت درس الجغرافيا الذي تحدث عن الوطن العربي وحفظ القرآن, لا يمكن أن أخصص أفضل غرف المنزل للضيف, وحين تعذر علي جواز السفر الفلسطيني أصبحت كل الجنسيات سواء. اذن أنا مجنونة منذ زمن , فلماذا الليلة أعلنها ؟!!
أنهيت الكتاب والسيجارة معاً, وملأت الكأس مرة ثالثه. الأن دور ممارسة عادة مدمني الصحف, وعلى كثرة وتكرار الأحداث بين صد ورد , اكتفي عادة بالعناوين . السفير لم تظهر بعد, أما عجيبة العجائب الأخبار , نعم الأخبار , فهي دائما "رجل ورا ورجل قدام" , أو لعلها تريد أن تقول لا فرق بين أحداث الأمس واليوم .
لكنها اليوم واجهتني بوجه تلك المرأة التي تسمرت أمامها دون أن أرمش ...
مرة أخرى جنون, موت, كوفية, شرف...
عيناها قهرتني, وجهها ملأني حقداُ وسخطاً , عبرت أمامي كلماتي قرأتها عن سرقة الاسرائيليين للكوفية الفلسطينية , فشتمت الكوفية وفلسطين والله ومحمد وعيسى وكل الخليقة, فاستسخفت منطق من يدافع عن الكوفية ويمنحها رموزا استشعرها أنا حقاً, لكن أين نحن من دفاعنا عن الكوفية ورمزيتها وأين دفاعنا عن فلسطين وشعبها المحتلين, أين دفاعنا عن قيادات فلسطين التي اغتيلت, أين دفاعنا عن حريتنا ..لو أن أحداُ جاء ليعطي هذه المرأة كوفية بدلاً من بدر, فماذا هي فاعلة؟! لا ألومها ان رمتها في وجهه واتبعتها بالبصاق والضرب, فهؤلاءالأغبياء هم ذاتهم من يقتلونه وطنناً نحلم به دوماً ولم نمتلكه يوماً , فأكبر الكبائر وأبشع الجرائم أن تغتال الأطفال والأحلام .
لا زلت واجمة وأنظر في وجهها , ولم أفكر بقراءة ما تحتها من كلمات سوى بدر , فمهما كانت لن ترتقي لذاك الوجه, بكيت... نعم دمعت عيناي بعد حين وأنا التي تأبى البكاء..
سيدتي.. لا أملك سوى أن أعزيك بفقيدك وفلسطين فهل تقبلين ؟!
No comments:
Post a Comment