خالد صاغيّة
بيتي صغير بكندا... ما بيعرف طريقه حدا... قرميده مغطّى بالتلج... وكلّ المرج
الحادي عشر من أيلول. الرابع عشر من شباط. سوريا إذ ينسحب جيشها. سيارات الموت تجوب شوارع المدينة كما يفعل الباعة الجوّالون. خيبة الرابع عشر من آذار. عزلة الثامن من الشهر نفسه، من السنة نفسها. الاعتكاف حين يراد له أن يصيب طائفة بكاملها، فرداً فرداً. الإحباط الذي سبق له أن أصاب طائفة بكاملها، فرداً فرداً. الطوائف حين تصيب بلداً بكامله، فرداً فرداً. التدخّل الدولي مرفقاً بغطاء من الإسفلت تحمله الشرعية الدولية. الدور السوري الباحث عن دور. الطغاة الذين لا يخلّفون وراءهم إلا خراباً معطوفاً على خراب. التصفيق حارّ للعرض الإمبريالي
بيتي صغير بكندا... من حوله كل المدى... بابه ما إلو مفتاح... بالي مرتاح
اللهاث التراجيدي وراء الحداثة. الديموقراطية إذ يرعبها الصعود الإسلامي. الاختناق خلف أسوار التقليد. اليسار الذي ينتقل من انهيار إلى انهيار، ومن فضيحة إلى فضيحة. الابتذال الذي يبتلع كلّ القيم، ويلوكها بأسنانه الخشبية. العنف الذي يصادر الحياة نفسها، ويخطفها من فم الحوت. جنازة أخيرة لما سمّي يوماً مشروعاً تحرّرياً. الحرباء تبتسم حين تحتلّ المشهد اليوميّ، والعرق اليوميّ، والشاشات اليوميّة. <<وودي ألن>> إذ يعلن أنّ الكوميديا مجرّد واحات متناثرة، أمّا الحياة فهي دائماً تراجيدية، لا تعرف إلا النهايات غير السعيدة
بيتي صغير بكندا... وحده صوتي والصدى... لا في صحاب ولا جيران... القمر سهران
الأهازيج فوق الأضرحة. الاقتصاد حين يصبح مرادفاً للإخضاع والإفقار. السياسة حين تتحوّل الى ثأر. الأجهزة الأمنية ذات الثياب المرقّطة. المناصب التي يتمّ توارثها تماماً كما السرطان. <<الجيش اللبناني.. الأمن اللبناني.. الشعب اللبناني.. الكعك اللبناني.. وهيه ويللا>>. السجون التي تمنع الهواء عن الرئتين. الحقيقة التي تأتي أحياناً جارحة وقاتلة. الحبّ الذي يتحوّل الى ألم، ولا يرفّ له جفن أو شغف. الألم الذي، على الرغم من وطأته، يأتي دائماً من أجل لا شيء. من أجل لا شيء
بيتي صغير بكندا... ما بدّي يزوره حدا... إلا اللي قلبي اختاره... وقلّو اسراره
يمرّ سائق التاكسي في وسط المدينة التجاري. ينظر إلى الأبنية ويقول: <<يا ضيعانها إذا رجعت علقت>>. يستنكر الراكب الأمامي ويقول: <<ليش بدها تعلق؟>>. يتابع سائق التاكسي طريقه. ينتبه أنّه قد اجتاز <<خطوط التماس>>، وأصبح داخل المنطقة <<الغربية>>. يفتح الراديو، فتخرج منه آيات قرآنية
لشو فتش بهالكون... بعرف السعاده هون... بقلب بيتي الصغير بكندا
ربّما لم ننتبه. ربّما لم تحصد الأغنية رواجاً بعد. لكن <<بيتي صغير بكندا>> هي أغنية للسيّدة الأيقونة نفسها التي ظلّت تنشد لسنين طويلة خدني ازرعني بأرض لبنان
أحترف الحزن و الإنتظار..أرتقب الآتي و لا يأتي..تبددت زنابق الوقت..عشرون عاماً و أنا أحترف الحزن و الإنتظار..عبرت من بوابة الدموع إلى صقيع الشمس و البرد..لا أهل لي في خيمتي وحدي..عشرون عاماً و أنا يسكنني الحنين و الرجوع..كبرت في الخارج..بنيت أهلاً أخرين..كالشجر أستنبتهم فوقفوا أمامي..صار لهم ظل على الأرض..و من جديد ضربتنا موجة البغض..و ها أنا أستوطن الفراغ..شردت عن أهلي مرتين..سكنت في الغياب مرتين..أرضي ببالي و أنا أحترف الحزن و الإنتظار
Thursday, April 13, 2006
بيتي صغير بكندا
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment