سلمان طلال
15-4-2006 جريدة السفير
مَن يشتري من الفلسطينيين دماءهم فيمنع سفحها وإهدارها في صدام أهلي يتبدى كأنه <حتمي> في ظل الصراع بين <السلطتين> المتعارضتين المفلستين، كلتيهما، حتى ليتبدى عجزهما فاضحاً عن تأمين لقمة العيش لهذا الشعب المشتت والمهدد بطمس الصفحات الناصعة في تاريخ نضاله الأسطوري من أجل حقه في أرضه وفي دولة له فوق ما تبقى منها؟!
لقد شَرُفَ هذا الشعب بجهاده الذي لم توقفه آلة القتل الإسرائيلي على امتداد ثمانية عقود متصلة، قبل احتلال بعض فلسطين ثم بعد احتلالها بالكامل.
وهو قد شَرَّف أمته وأعطى قدوة غير مسبوقة في التمسّك بالأرض ولو شهيداً، وبالإصرار على حقه في الحياة ولو مطارَداً بالطائرات والمدفعية أو أسيراً في زنازين التعذيب بأحكام تطاول عمره.
وبقدر ما أعطى المثال المتوهج في نضاله المفتوح، كذلك فإنه قد حفظ، حتى في أحلك الظروف، وحدته الوطنية، متقبّلاً التعدد الفكري والحزبي والسياسي الذي كان في بعض جوانبه ثماراً طيبة للتسامح كما للتشرّد واللجوء الاضطراري والهجرة القسرية إلى ديار أهله العرب الذين عجزوا عن حمايته في أرضه كما فشلوا في إعادته إليها، ثم سالموا الاحتلال الإسرائيلي وسلّموا باحتلاله تاركين فلسطين لمصيرها بين براثنه.
هذا الشعب مهدد اليوم في ما لم يخسره طوال مسيرته النضالية الحافلة بقهر المستحيل: إن وحدته الوطنية تنزف في ظل صراع <السلطتين>: الرئيس ومن خلفه <فتح> بتصدعاتها ومباذل ممارساتها التي رفعت الفساد إلى مستوى قياسي، وسلطة الحكومة الجديدة التي أنتجتها الديموقراطية (بالطلب الأميركي)، والتي أعطت قيادتها لحركة حماس.
وواضح أن الانحياز الفاضح للإدارة الأميركية ومَن معها من الغرب إلى إسرائيل (التي تكاد تفرغ من شطب وإلغاء كل الاتفاقات الناظمة لعلاقتها مع السلطة) قد أسهم في توسيع الشرخ بين <الرئيس> والحكومة التي اضطر إلى التسليم بها شكلاً، ثم أخذ يصادر صلاحياتها حتى لم يتبق له منها شيء تواجه به احتياج شعبها إلى كل شيء.
وهكذا فإن القرار للرئيس والمسؤولية على الحكومة المصادَرة قراراتها.
وما بين حصار الموت في غزة، واستلاب الأرض في الضفة، ووضع اليد على القدس كاملة، ومطاردة المجاهدين لأسْرهم أو قتلهم ولو عبر مجازر تزهق أرواح الأطفال وصبايا الورد، يأتي صراع <السلطتين> المفلستين كأنه محاولة لاغتيال الوحدة الوطنية الفلسطينية بالعوز والحاجة بل وبالجوع الأسود.
والجوع في ظل الاحتلال يصل إلى ذروته بشاعة وقسوة وإذلالاً...
وصراع <السلطتين> المفلستين منهك أكثر من الحصار، على وحشيته.
... والعرب يديرون عيونهم إلى الجهة الأخرى، حتى لا يروا ولا يحسوا بالذنب فيعذبهم ما تبقى من ضمائرهم.
إنهم يمتنعون عن مد يد العون إلى هذا الشعب الباسل الذي طالما قدم دماءه رخيصة في ميادين النضال من أجل حرية العرب، في مختلف أقطارهم.
إنهم يبخلون عليه بالدعم السياسي في مواجهة الضغوط الدولية الإسرائيلية (والعربية؟) لتفجير الصراع بين <السلطتين> المفلستين.
أما المال فأعز عليهم من فلسطين جميعاً، من شهدائها الذين مضوا إلى رحاب ربهم، أو المرشحين للشهادة في كل لحظة.
لقد أعماهم طوفان المال فأعماهم عن الإخوة في الهوية والدين والأرض، فحجبوه عامدين متعمدين، وهم يدركون أن حجبه سيعجل في خسارة ما تبقى من فلسطين.
ألا مَن يشتري فلسطين وشعبها ولو بعشرة في المئة من الثلاثمئة مليار دولار التي هدرت في مضاربات البورصة، ولعل بعضها إن لم يكن جلها قد ذهب إلى إسرائيل، مباشرة أو بالواسطة!
وزعوا الدماء أسهماً وزايدوا عليها، فالربح مضمون
لقد شَرُفَ هذا الشعب بجهاده الذي لم توقفه آلة القتل الإسرائيلي على امتداد ثمانية عقود متصلة، قبل احتلال بعض فلسطين ثم بعد احتلالها بالكامل.
وهو قد شَرَّف أمته وأعطى قدوة غير مسبوقة في التمسّك بالأرض ولو شهيداً، وبالإصرار على حقه في الحياة ولو مطارَداً بالطائرات والمدفعية أو أسيراً في زنازين التعذيب بأحكام تطاول عمره.
وبقدر ما أعطى المثال المتوهج في نضاله المفتوح، كذلك فإنه قد حفظ، حتى في أحلك الظروف، وحدته الوطنية، متقبّلاً التعدد الفكري والحزبي والسياسي الذي كان في بعض جوانبه ثماراً طيبة للتسامح كما للتشرّد واللجوء الاضطراري والهجرة القسرية إلى ديار أهله العرب الذين عجزوا عن حمايته في أرضه كما فشلوا في إعادته إليها، ثم سالموا الاحتلال الإسرائيلي وسلّموا باحتلاله تاركين فلسطين لمصيرها بين براثنه.
هذا الشعب مهدد اليوم في ما لم يخسره طوال مسيرته النضالية الحافلة بقهر المستحيل: إن وحدته الوطنية تنزف في ظل صراع <السلطتين>: الرئيس ومن خلفه <فتح> بتصدعاتها ومباذل ممارساتها التي رفعت الفساد إلى مستوى قياسي، وسلطة الحكومة الجديدة التي أنتجتها الديموقراطية (بالطلب الأميركي)، والتي أعطت قيادتها لحركة حماس.
وواضح أن الانحياز الفاضح للإدارة الأميركية ومَن معها من الغرب إلى إسرائيل (التي تكاد تفرغ من شطب وإلغاء كل الاتفاقات الناظمة لعلاقتها مع السلطة) قد أسهم في توسيع الشرخ بين <الرئيس> والحكومة التي اضطر إلى التسليم بها شكلاً، ثم أخذ يصادر صلاحياتها حتى لم يتبق له منها شيء تواجه به احتياج شعبها إلى كل شيء.
وهكذا فإن القرار للرئيس والمسؤولية على الحكومة المصادَرة قراراتها.
وما بين حصار الموت في غزة، واستلاب الأرض في الضفة، ووضع اليد على القدس كاملة، ومطاردة المجاهدين لأسْرهم أو قتلهم ولو عبر مجازر تزهق أرواح الأطفال وصبايا الورد، يأتي صراع <السلطتين> المفلستين كأنه محاولة لاغتيال الوحدة الوطنية الفلسطينية بالعوز والحاجة بل وبالجوع الأسود.
والجوع في ظل الاحتلال يصل إلى ذروته بشاعة وقسوة وإذلالاً...
وصراع <السلطتين> المفلستين منهك أكثر من الحصار، على وحشيته.
... والعرب يديرون عيونهم إلى الجهة الأخرى، حتى لا يروا ولا يحسوا بالذنب فيعذبهم ما تبقى من ضمائرهم.
إنهم يمتنعون عن مد يد العون إلى هذا الشعب الباسل الذي طالما قدم دماءه رخيصة في ميادين النضال من أجل حرية العرب، في مختلف أقطارهم.
إنهم يبخلون عليه بالدعم السياسي في مواجهة الضغوط الدولية الإسرائيلية (والعربية؟) لتفجير الصراع بين <السلطتين> المفلستين.
أما المال فأعز عليهم من فلسطين جميعاً، من شهدائها الذين مضوا إلى رحاب ربهم، أو المرشحين للشهادة في كل لحظة.
لقد أعماهم طوفان المال فأعماهم عن الإخوة في الهوية والدين والأرض، فحجبوه عامدين متعمدين، وهم يدركون أن حجبه سيعجل في خسارة ما تبقى من فلسطين.
ألا مَن يشتري فلسطين وشعبها ولو بعشرة في المئة من الثلاثمئة مليار دولار التي هدرت في مضاربات البورصة، ولعل بعضها إن لم يكن جلها قد ذهب إلى إسرائيل، مباشرة أو بالواسطة!
وزعوا الدماء أسهماً وزايدوا عليها، فالربح مضمون
No comments:
Post a Comment