نحن الموقعون على هذه المبادرة ممثلو القطاع الخاص الفلسطيني من رؤساء واعضاء مجالس ادارة المؤسسات التمثيلية والشركات القيادية من مختلف القطاعات الصناعية والمالية والخدمات والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والسياحة، ممن حملوا رسالة التنمية الفلسطينية وتكبدوا اعباء جسيمة في بناء اقتصاد فلسطيني قادر على توفير شروط بقاء وصمود الشعب الفلسطيني على ارضه المباركة. نحن اسرة القطاع الخاص الذي يفخر بانه كان وما زال وسيبقى شريكا كاملا مع السلطة الوطنية ومع القطاع غير الحكومي في معركة شعبنا العظيم من اجل انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس ومن اجل ضمان حق العودة للاجئين وفق قرارات الامم المتحدة.وانطلاقا من ذلك فاننا نعبر عن قلقنا البالغ ازاء التدهور الذي تشهده قضية شعبنا العادلة هذه الايام وازاء ما يحيط بها من مخاطر تهدد بالاطاحة بما حققه شعبنا من مكاسب هامة على مختلف الصعد، وخصوصا ما يتعلق بتجسيد هويته الفلسطينية، وتحقيق الاجماع الدولي على اقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وتطوير مؤسساته الحيوية، وتعميق تجربته الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية والبلدية والبرلمانية، التي عقدت بمشاركة واسعة من ابناء الشعب الفلسطيني، ودعمت من المجتمع الدولي سياسيا وماليا وفنيا، وتوجت بتداول سلمي للسلطة بطريقة حضارية.لقد دفع شعبنا لتحقيق تلك الانجازات عشرات الآلاف من الشهداء، ومئات الآلاف من الجرحى والاسرى. وذاق الملايين من ابنائه مرارة الهجرة والتشرد والبؤس والاضطهاد، وكابد المرابطون على ارض الوطن سياسات الحصار والافقار والبطالة، وهم يعانون اليوم من ابشع عملية اقصاء عن ارضهم ومياههم بواسطة جدار التوسع والفصل العنصري، وحشرهم في كنتونات بواسطة مشروع اسرائيل لرسم حدودها من جانب واحد.وفي الوقت الذي رحبت الشعوب والحكومات في معظم الدول بنزاهة الانتخابات الفلسطينية وبالممارسة الديمقراطية فقد تلقينا ببالغ الاسف الانباء عن اجراءات المقاطعة للحكومة الجديدة، وقطع المعونات عن الشعب الفلسطيني وتجميد تنفيذ المشاريع التنموية التي اتخذتها بعض الدول المانحة، وذلك بسبب نتائج تلك الانتخابات، ان تنفيذ تلك الاجراءات سيقود الى شل قدرة السلطة عن دفع رواتب موظفيها، والى توقف خدماتها الحيوية وانهيارها، والى حدوث تدهور اقتصادي شامل. وغني عن القول ان المساعدات الخارجية، اصبحت ضرورية جدا للتخفيف من آثار العدوان الاسرائيلي المتواصل، وما نجم عنه من خراب ودمار للمرافق العامة والخاصة في كافة ارجاء الاراضي الفلسطينية المحتلة، واغلاق ابواب العمل والعيش الكريم لمئات الالوف من الفلسطينيين. ويعرب القطاع الخاص عن استنكاره للاجراءات الاسرائيلية، وخصوصا اغلاق معابر قطاع غزة، وفصلها عن الضفة الغربية، ولحجز ايرادات الضرائب الفلسطينية التي تجمع بواسطة وزارة المالية الاسرائيلية، ونطالب حكومة اسرائيل بوقف اجراءاتها التعسفية وتحويل تلك الاموال للسلطة الوطنية.كما نرفض الضغوط والاجراءات التي تمارس على الدول العربية والاجنبية الصديقة لمنعها من تقديم معونات للسلطة وللشعب الفلسطيني، ونرفض التهديدات التي تمارس على البنوك لمنعها من تحويل اموال المساعدات، لان هذه التهديدات تؤدي الى المزيد من الافقار والتجويع للشعب الفلسطيني، وخلق بيئة مواتية لتنامي التوتر والعنف، الذي سيكون له نتائج وخيمة على جميع ارجاء المنطقة.اما الامر الذي زاد من قلق وغضب القطاع الخاص الفلسطيني ومعه جميع المواطنين، فهو ما شهدته بعض المدن الفلسطينية من تفجر ممارسات مرفوضة ولا تليق بأخلاقيات شعبنا، وتسيء بشكل بالغ لسمعته ولعدالة قضيته وتخمد روح التضامن معه، وخصوصا الانتهاكات لحرمة المؤسسات العامة والاشتباكات المؤسفة، التي يسقط فيها الابرياء، والتي تلحق اضرارا جسيمة بالوحدة الوطنية وبالروح المعنوية لشعبنا، اضافة الى ما تلحقه من اضرار للمرافق والتجهيزات في العديد من المؤسسات الوطنية.ازاء هذا الوضع، فان القطاع الخاص الفلسطيني رأى ان يتوجه الى الاخوة رئيس السلطة الوطنية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس المجلس التشريعي، والى رؤساء الكتل البرلمانية وكافة القوى والاحزاب الوطنية والاسلامية، ومؤسسات المجتمع المدني، وكل الحريصين على انجازات الشعب الفلسطيني، وعلى مستقبل قضيته، ودعوتهم الى تغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية او الحزبية والجهوية الضيقة، والى مناشدتهم لتركيز الجهود، كل الجهود لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه المشروع الوطني الفلسطيني المتمثلة في مشروع حكومة اسرائيل لرسم الحدود من جانب واحد، ومخطط فرض العزلة على الشعب الفلسطيني، وزعزعة السلام الاهلي وتفكيك النسيج الاجتماعي وانهيار النظام السياسي الفلسطيني، ودحر قضيته العادلة عن دائرة الاهتمام الدولي
ان القطاع الخاص الفلسطيني يرى ان النجاح في مواجهة تلك التحديات يستوجب من جميع القوى الوطنية والاسلامية التمسك بالمبادئ التالية
التسلح ببرنامج سياسي شامل يحظى بالاجماع الوطني وينسجم مع قرارات الامم المتحدة، والمبادرة العربية، ويشكل مرجعية للتحرك السياسي الفلسطيني لانهاء الاحتلال
احترام الخيار الديمقراطي لشعبنا ونتائج الانتخابات، والالتزام بالتعددية السياسية، والوسائل الديمقراطية في التعبير والممارسة
احترام القانون الاساسي والاستناد اليه في البت في توزيع وممارسة الصلاحيات
الاحتكام للحوار كطريق لحل اية اشكالات او خلافات، وتحريم الاقتتال بين الاخوة ونبذ اللجوء لاستخدام السلاح والعنف وتفادي التصعيد الاعلامي والتحريض
احترام سيادة القانون وادانة اي انتهاك لحقوق الانسان الفلسطيني مهما كان مصدره
ونرى ان اولويات اهداف البرنامج الوطني للسلطة الوطنية يجب ان تركز على
التصدي للمشروع الاسرائيلي لرسم الحدود وفرض حل من جانب واحد
مجابهة عملية عزل السلطة الوطنية عن محيطها العربي والدولي، وتنشيط التضامن الدولي والعمل على اعادة تدفق المعونات العربية والدولية
استكمال عملية الاصلاح وترسيخ الشفافية والمساءلة وسائر قواعد الحكم الصالح، وعلى رأسها توطيد سيادة القانون وتطوير وتفعيل الدور المستقل لسلطة القضاء، ومعالجة الفلتان وفوضى السلاح بشكل جذري
توفير بيئة مواتية لنهوض القطاع الخاص وتمكينه من لعب دوره القيادي في التنمية
صيانة السلم الاهلي، والاندماج الاجتماعي، والتمسك بالطابع الديمقراطي المنفتح للمجتمع الفلسطيني
محاربة الفقر والبطالة، وتطوير شبكات الامان الاجتماعية لاسر الشهداء والاسرى وضحايا الانتهاكات الاسرائيلية، والجماعات المهمشة والمستضعفة
اصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وتطوير تمثيلها وبنيتها بما يستجيب وطبيعة المرحلة ومستجداتها
ان تحقيق الاهداف اعلاه يستوجب تضافر كل الجهود المخلصة والعمل المشترك على مسارات ثلاثة بشكل متزامن كما يلي
أولا: على الصعيد السياسي
مطالبة الاخوين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس مجلس الوزراء وانطلاقا من مسؤوليتهما المشتركة، بأخذ زمام المبادرة لصياغة خطة سلام فلسطينية، مستندة الى قرارات الامم المتحدة، ومبادرة السلام العربية، والى الثوابت والحقوق الفلسطينية لتسهيل التحرك السياسي الفلسطيني
التوجه الى منظمة الامم المتحدة، واللجنة الرباعية ومطالبتهما بتحمل مسؤولياتهما والعمل مع كافة الاطراف من اجل تنفيذ قرارات الامم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية
تشكيل وفود رسمية بمشاركة الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات الاهلية لتنفيذ خطة تحرك دبلوماسي واسع لشرح المبادرة الفلسطينية، ولعقد لقاءات مع حكومات الدول المانحة ومع المنظمات الدولية لغرض استئناف المعونات الدولية، ولانعاش التضامن الدولي مع شعبنا
ثانيا: على صعيد الجبهة الداخلية
تشكيل حكومة ائتلاف وطني بمشاركة حقيقية من القوى والاحزاب الفلسطينية، وبمشاركة ذوي الخبرات والكفاءات القادرة على مناهج واساليب الادارة العصرية في المؤسسة الحكومية
المبادرة فورا الى عقد حوار وطني بين الاطراف الممثلة في المجلس التشريعي الفلسطيني للاتفاق على برنامج الحكومة الفلسطينية لتحقيق الاولويات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى الصعيد الامني
التأكيد على مشاركة القطاع الخاص الفلسطيني في صياغة البرنامج الاقتصادي للحكومة، بما يحقق توفير بيئة مواتية لنهوض القطاع الخاص، ولاضطلاعه بدوره الرئيسي في التنمية
الاتفاق على ميثاق شرف بين جميع الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية لحماية الامن الشخصي للمواطنين، وحماية امن المؤسسات، وفرض سيادة القانون
ثالثا: على صعيد منظمة التحرير الفلسطينية
تشكيل لجنة وطنية بمشاركة جميع القوى والاحزاب والشخصيات الوطنية بهدف استكمال حوار القاهرة المتعلق باصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، واعادة هيكلتها وتطوير التمثيل والمشاركة فيها باستخدام الاساليب الديمقراطية، وتطوير قدرتها وادائها لتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في انهاء الاحتلال وانجاز حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في دولته المستقلة على ارضه، وتحقيق عودة لاجئيه وتطوير آليات اضطلاعها بدورها كقيادة شرعية وحيدة للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده، وتطوير دوائرها واجهزتها بما يحقق تحسين استجابتها لاحتياجات ابناء الشعب الفلسطيني في مختلف مواقعهم، وتطوير دورها كأداة توحيد للشعب الفلسطيني، ولتشبيك التجمعات الفلسطينية في الخارج مع المواطنين في داخل الوطن.وختاما يعبر القطاع الخاص الفلسطيني عن تقديره لكافة المبادرات المخلصة الهادفة لتوحيد الجهود لمواجهة الازمة الراهنة، ويبارك دعوة الرئيس لعقد مؤتمر وطني لهذا الغرض، وانطلاقا من دوره الرئيسي في ادارة عجلة الاقتصاد والتنمية، وكونه شريكا رئيسيا في مجالات العمل الوطني والانساني الاخرى، يقدم القطاع الخاص مبادرته هذه تعبيرا عن رغبته واستعداده للمساهمة الجادة والفعالة لانجاح الحوار الوطني، وتحقيق اهداف هذا الحوار على مختلف الاصعدة، كمقدمة ضرورية لتجاوز الازمة الراهنة، والانطلاق بالمشروع الوطني الفلسطيني الى نهايته المظفرة
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم، ورسوله والمؤمنون". صدق الله العظيم
المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني
No comments:
Post a Comment