Monday, April 11, 2005

نابلس : تاريخ وحضارة تذبح أمام عدسات الكاميرا

Listen ( Ya Nables _ Min jabal l nar )

رائحة التراث منبعثة من بين أحجارها العتيقة "عملية المياه الراكدة " في نابلس : تاريخ وحضارة تذبح أمام عدسات الكاميرا January 24, 2004 لقد مروا من هنا ، هذا ما سجلته عدسات الكاميرا وعيون الفلسطينيين في نابلس ، التي اعتادت دائما على المعادلة الصعبة التي يعيشها أهلها ، خلال الاجتياحات المتكررة للمدينة . فقد وجهوا نداء استغاثة للعالم الذي تاهت بين أحداثه ، الجرائم التي ترتكب ضد الإنسان الفلسطيني وتراثه وتاريخه . فمن عملية " السور الواقي " وصولا إلى " المياه الراكدة " ، وآلة الدمار الإسرائيلية لم تتوقف عن تدمير كل ما يتعلق بالحياة الفلسطينية.

معاناة لا تنتهي مع بداية العام الجديد احتفلت دول العالم ببداية عام جديد ، ولكن المقيمين في البلدة القديمة وخاصة منطقة حي القريون وما يجاورها من مناطق في المدينة ، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي قذائف دباباته على الأبنية التراثية والقديمة فيها ، التي يعود تاريخها إلى مئات السنين . وكما روت إحدى المواطنات التي تقيم في بناية مجاورة للأبنية التي تم هدمها ، أن العديد من الأبنية تعرضت لضرر ، وأن بيت الشعبي الذي تم هدمه فوق رؤوس أصحابه في اجتياح نيسان 2002 ، واستشهد ثمانية من سكانه ، قد تم اكمال هدمه مع البيوت المجاورة له . وخلال تجوالنا في حي القريون وفي قصر آل عبد الهادي التاريخي الذي يعود تاريخ إنشائه إلى اكثر من 500 عام والذي يقيم فيه نحو 15 عائلة أجبرت جميعها على إخلائه واللجوء إلى المنازل المجاورة ، شاهدنا كيف أن قوات الاحتلال قامت بالبحث والتنقيب الدقيق في أرضية البناء . وما رأته العين تعجز عنه الكلمات لأن حجم الدمار والخراب كبير جداً . كأنه زلزال أو بركان ، أو أن جيش التتار مر من هنا . زياد عبد الهادي أحد المقيمين في القصر قال : إن الأموات لم يسلموا أيضاً ، فقد قاموا بهدم المقبرة التي دفن فيها الأجداد منذ مئات السنين . ونأمل من الجهات المختصة أن تعمل على ترميم هذا القصر التاريخي الذي يرمز إلى أصالة البلد وعراقتها وقدمها ، والمحافظة على الآثار القديمة وعدم محو التاريخ . وجدير بالذكر أن قوات الاحتلال استخدمت المتفجرات في تفجير الواجهات والأبواب وأطلقت قذائف الدبابات خلال أعمال البحث في قصر عبد الهادي والمنازل المجاورة له مما أدى إلى تصدع العديد من الأبنية بحيث أصبحت خطرة وغير صالحة للسكن مثل منزل غانم وغيرها من العائلات . ومنعت الطواقم الطبية والإغاثة من دخول حارة القريون مهدداً بإطلاق النار عليهم ، كما أشار دكتور غسان حمدان رئيس الإغاثة الطبية . ولكن السؤال المطروح لماذا هذا الاستهداف للتاريخ والتراث ؟ لماذا نابلس …؟! نواف الزرو ، محلل وباحث في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي كتب في مقال له بعنوان ( قصة صمود أسطوري في مدينة جبل النار – أهمية نابلس في الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية جعلتها هدفاً للحملات التدميرية الإسرائيلية ) : إن توقفنا أمام العنوان التاريخي الحضاري التراثي، فنابلس تحتل المكانة المتقدمة في التاريخ العربي وفي فلسطين إلى جانب اقدم مدينة في فلسطين _ أريحا ، بل إن عبق التاريخ والحضارة العربية في فلسطين يتكثف في نابلس القديمة.. كما في القدس القديمة والخليل القديمة.. وإن تحدثنا اقتصادياً، فإن نابلس تعتبر العاصمة الاقتصادية لفلسطين بجدارة ، وطاقاتها الاقتصادية ـ المالية والصناعية والزراعية والتجارية ـ تشكل ركيزة أساسية في الاقتصاد الفلسطيني كله . وإن نظرنا للمدينة من الزاوية الجغرافية فهي تحتل موقعاً استراتيجياً متميزاً في الخارطة الفلسطينية . وأضاف الباحث : أما سياسياً ونضاليا ً، فللمدينة وأهلها تاريخ وطني نضالي طويل حافل ناصع مشرق في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ، وقد برز وتميز هذا الدور على نحو خاص جداً خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987-1993، وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية - انتفاضة الأقصى والاستقلال/2000. ما يقودنا إلى استخلاص بمنتهى الأهمية أن حملة التدمير والحصار ضد نابلس تنطوي أيضاً على بعد حاسم في مواجهة مشروع الاحتلال، هو البعد المعنوي الصمودي ، وإن شارون إنما يستهدف إلى جانب، التدمير الشامل للحضارة والتراث والتاريخ في نابلس، ضرب المعنويات وروحية التحدي والصمود لدى أهالي نابلس، الأمر الذي أدركه وأحبطه الأهالي رغم ضخامة الهجمة والدمار والحصار التجويعي ضدهم. قصر في بستان أما من ناحية الموقع والتاريخ فقد أشار الزرو أن نابلس مدينة الحزن والجمال وصفها الرحالة العرب أنها (قصر في بستان) ويسمونها (دمشق الصغرى) وهي تحريف عن اسمها اليوناني Neapolis بمعنى المدينة الجديدة تمييزاً لها عن مدينة (شكيم) القديمة التي دمرت سنة 67م زمن الإمبراطور نيرون (54-68م) الذي أرسل فاسبسيانوس أحد أشهر قادته بحملة عظيمة دمرت شكيم بالكامل بسبب تمرد سكانها وهي من أقدم مدن العالم في موقع تل بلاطه وهي بلدة كنعانية. وأضاف : قد شيدت مدينة نابلس ما بين سنتي 71-72م غرب مدينة (شكيم) المدمرة. وبين أحضان سفوح جبليها (عيبال) شمالاً و(جرزيم) جنوباً، وعلى امتداد واديها المتجه من الشرق إلى الغرب تتربع المدينة بكبرياء وإباء قيمة على ميراث من الحضارة والتراث الإنسانيين أكسبها طابعاً فريداً متميزاً على مدار الأيام. ونابلس في الأصل مدينة كنعانية أطلق عليها العرب الكنعانيون اسم (شكيم)، والشكيمة في اللغة العربية تعني الأنفة والعزة والرفعة وعدم الانقياد، وفي عهد الإمبراطور الروماني (فسبسيانوس) أمر بإعادة بنائها وإعمارها تحت اسم لاتيني مركب هو (فيلافيا نيابولس) وبالعربية مدينة فيلافيا الجديدة ، وفيلافيا هو اسم عائلة الإمبراطور (فسبسيانوس)، ومع الأيام بقي من اسمها المقطع الثاني (نيابولس) الذي حرف إلى اسم نابلس الحالية. وأوضح الباحث أن نابلس التاريخية يطلق عليها مسمى (القصبة) أو البلدة القديمة وفي الحقيقية فإن هذه المدينة تتكون من ثلاث قصبات رئيسة تمتد من شرقها إلى غربها، وهي محاطة بسور من المباني والمنشآت القديمة، ولها كما تذكر الروايات والكتب التاريخية ست عشرة بوابة ، ومنها بوابتاها الرئيستان الشرقية عند الجامع الصلاحي الكبير، والغربية عند جامع الخضر.والقصبة عبارة عن ممر أو طريق ضيقة مرصوفة بالحجارة الملساء تقع على جانبيها الدكاكين ومحال التجار والصناع، وهي في العادة تحتل الطابق الأول، أما الطابق الثاني فكان يشكل بيوتات لأسر الصناع والحرفيين والتجار، وكانت هناك ولا تزال أحواش على أطراف هذه القصبات تؤدي إلى دور سكينة متلاصقة تسكنها العائلات النابلسية الممتدة، كما أن هناك العديد من الأسواق المتخصصة تشكل حلقة وصل ما بين القصبات من الشمال إلى الجنوب، وبين القصبات تتموضع حارات نابلس القديمة وأسواقها التجارية والعديد من مرافقها الأساسية تنتسب إلى التاريخ بشتى عصوره . وأضاف : كما جاء في المصادر الفلسطينية تتكون نابلس القديمة من سوقين: الأول يمتد من الباب الشرقي حتى نهاية الباب الغربي. أما السوق الآخر فيبلغ طوله نصف السوق الأول . وتزخر بالجوامع والمساجد من المسجد الكبير شرقي المدينة الذي كان الصليبيون قد حولوه إلى كنيسة كبيرة عرفت باسم كنيسة البعث (القيامة) وعندما تم تحرير نابلس عقب معركة حطين حمل هذا الجامع اسم الجامع الصلاحي الكبير أو الجامع الكبير. وأشار إلى أن جامع الخضرا الواقع في حي الياسمينة يعتبر من المساجد الرائعة التي شيدت في العصر المملوكي، عمّره السلطان المنصور سيف الدين قلاوون وشيد على النمط القوطي وجامع الأنبياء وجامع المساكين - وجامع الساطون وجامع البيك . واهتم سكان نابلس بتشييد منازلهم لكي توفر لهم أسباب الراحة وهي كأنها منازل وحدائق تحتوي على غرف كثيرة وقاعات تجلب الراحة للنفس وامتازت بيوت الأغنياء بالفخامة إلى درجة دفعت بالرحالة أوليا جلبي إلى تشبيهها بالحصون، وكانوا يستخدمون الحجارة الكلسية الصلبة في البناء.وتحتوي البلدة القديمة كذلك على مجموعة من الحمامات انسجاماً مع ما تنادي به العقيدة الإسلامية فضلاً عن أهميتها العلاجية ومنها: حمام الريشة في ساحة البلدة القديمة المعروفة حالياً (المنارة) وحمام الدرجة خلف المسجد الكبير . ويقول الكاتب الفلسطيني لطفي زغلول عن نابلس - التاريخ والحضارة أيضاً: الحديث عن نابلس هو حديث عن التاريخ، وليس ثمة مبالغة حين توصف هذه المدينة بأنها توأم له، فهي في قصباتها وتحديداً في حاراتها وأحواشها تقودنا إلى قصورها ودواوينها العريقة حيث الفناءات الرحبة والقاعات ذات العقود والأقواس والأعقدة والشبابيك العالية المزركشة الزجاج والسقوف المحلاة بالرسوم والأرضيات المرصعة بالبلاط الذي يشكل لوحات جميلة بعضها من الفسيفساء، وهناك المساجد الفسيحة من عهود الأيوبيين والمماليك والعثمانيين ومن أشهرها المسجد الصلاحي الذي بناه صلاح الدين الأيوبي غداة تحريره هذه المدينة من الصليبيين إلى جانب مسجد النصر في وسط المدينة الذي بناه أيضاً هذا القائد وأطلق عليه اسم النصر احتفاء بانتصاره آنذاك، وهناك جامع (الخضرة) الذي لحق به دمار كبير جراء الاجتياح الإسرائيلي لمدينة نابلس، وتمتاز نابلس بمجموعة من الحمامات القديمة تعرض بعضها لدمار في كثير من معالمها. وتضم نابلس بين أحضان قصباتها حارات وأسواقاً تجارية قديمة وخانات هي بمثابة استراحات للقوافل التجارية التي كانت تفد إليها في تلك الأيام الغابرة، وهنالك عدد من الوكالات والسرايا والأبراج والقنوات المائية إلى جانب منظومة من عيون الماء وسبل المياه والزوايا والكنائس والمقامات والبوابات، وحين الحديث عن معالم المدينة فإن الصبانات (مصانع الصابون النابلسي الشهير) تشكل إحدى أبرزها، وننوه هنا إلى أن هذه الصبانات التاريخية القديمة تعرضت ثلاث منها إلى التدمير الشامل في الاجتياح الأخير، ولعل من أبرز المعالم التاريخية لمدينة نابلس منارة الساعة في باب الساحة وهي من العهد العثماني الوسيط . الاستهداف وأضاف الباحث : يشير التاريخ الفلسطيني إلى أن استهداف المدينة ليس حديثاً ولا يقتصر على الاجتياحات الإسرائيلية (الشارونية) الأخيرة خلال حملات (حرب الألوان) و(السور الواقي) و(الخطة الصارمة) ، بل إنه يعود إلى بدايات الاحتلال الإسرائيلي للمدينة، إلى شهر سبتمبر عام 1967، حيث تعرضت المدينة إلى حصار شديد كان هدفه تجويع وتركيع السكان كما أكد ووثق الأستاذ حافظ داود طوقان رئيس بلدية نابلس سابقاً. وعن ذلك الحصار الاحتلالي القمعي التنكيلي المبكر للمدينة وأهلها كتب الأستاذ أحمد بهاء الدين رحمه الله قبل خمسة وثلاثين عاماً في مجلة المصور في التاسع والعشرين من سبتمبر 1967، تحت عنوان: (نابلس والخبز المر) يقول: المدن عندي كالأشخاص! هناك الشخص الذي تحبه وتنجذب إليه من الوهلة الأولى وكذلك المدن. ونابلس العربية من المدن التي وقعت في حبها من النظرة الأولى زرتها مرة واحدة منذ أقل من عامين وقضيت فيها يوماً أو بعض يوم، وأصبحت على الفور قطعة عزيزة من نفسي، يوم بكيت المدن العربية وهي تسقط في أيدي العدو بكيت نابلس بكاءً خاصاً، ساعتها قفزت إلى مخيلتي على الفور كل الوجوه التي عرفتها هناك وفي المقدمة صديقي العلامة قدري حافظ طوقان، وكل المرافق وكل الآثار وكل المشاهد، تلميذات المدرسة التي زرتها، الحديقة الكبيرة تتنزه فيها العائلات على صوت النافورات، بيت طوقان القديم الذي يشبه صحن المسجد المكشوف، المباني الحجرية القديمة والحديثة، الشوارع القديمة التي تشعر بعد دقائق من السير فيها أنك تسير في الغورية وفي سيدنا الحسين بالقاهرة، الآن مدينة نابلس الأبية الفخورة تعيش تحت الحصار والاحتلال ويتربص في جنباتها الموت، وتغلق فيها المدارس وتخلو المدينة من أهلها وتصمت أصوات النوافير فلا يسمع الناس إلا أصوات الرصاص ودوي القنابل! أتذكر الآن الوجوه العذبة التي جلست معها في بيت آل طوقان القديم حول صواني الكنافة النابلسية الشهيرة نأكل ونضحك ونتفلسف.. أي (خبز مر) تأكله هذه النفوس الأبية الآن، أنباء هذا الأسبوع تقول إن نابلس في قلب المقاومة والنضال هي اليوم مركز العذاب!!؟. تدمير المدينة تدميراً شاملاً وحول المخططات والنوايا الإسرائيلية المبيتة التي تستهدف تدمير المدينة تدميراً شاملاً حضارياً وتراثياً وسياسياً ونضالياً، يتحدث الأستاذ حافظ داود طوقان أيضاً: في أوائل العام 1988 وكانت الانتفاضة الأولى قد اشتعلت في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة قتل واحد من جنود جيش الاحتلال داخل البلدة القديمة من مدينة نابلس بواسطة حجر كبير ألقي عليه من على سطح أحد البيوت الأثرية الكبيرة شيد قبل ثلاثمئة عام، بعد ذلك قامت قوات الاحتلال وبكمية كبيرة من الديناميت بهدم جزء من ذلك البيت الأثري الكبير وقد طال الانفجار بيوتاً على بعد مئة متر من المكان تهدمت الجدران والسقوف وأصيب عدد من المواطنين داخل بيوتهم بجراح من تطاير الزجاج، وانقطع التيار الكهربائي عن البلدة القديمة لعدة أيام، وكمية الديناميت الكبيرة كانت بمثابة عقوبة جماعية من أجل إلحاق أكبر ضرر ممكن بالأبنية الأثرية وإصابة أكبر عدد من المواطنين بالأذى النفسي والمادي. (العقوبة الجماعية) من الأسلحة القذرة التي استعملها جيش الاحتلال منذ شهر يونيو عام 1967 وحتى هذا اليوم، في ذلك الوقت كنت أشغل منصب رئيس بلدية نابلس، وقد وصلتني معلومات تفيد أن وزارة الحرب في تل أبيب تعد مخططاً يهدف إلى تدمير أكثر من نصف البلدة القديمة من خلال شق شارع بعرض خمسين متراً يبدأ من جنوب البلدة القديمة في منطقة رأس العين وحتى المركز التجاري شمالاً خارج أسوار البلدة القديمة، هذا المخطط الإجرامي كان سيدمر الجزء الأكبر من البلدة القديمة وفي مقدمتها عدد من المساجد وبيوت أشبه بالقصور لآل طوقان والنمر وعبد الهادي والقاسم، وقمت على الفور بالاتصال بالقناصل العامّين الأجانب في القدس الشرقية الذين قاموا مشكورين بزيارة بلدية نابلس عدة مرات وكانوا دائمي الاتصال معنا، وقد قمنا بجولة ميدانية داخل البلدة القديمة وزرنا الموقع الذي ذبحه ديناميت الاحتلال وكذلك الأبنية التي تضررت نتيجة عملية النسف قلت وأنا أوجه كلامي لهم وخاصة لقنصل فرنسا العام بالقدس الشرقية: لقد كان الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون محقاً وصادقاً حينما قال عبارته الشهيرة ( لا يمكن للشعب اليهودي أن يكون شعباً متحضراً في يوم من الأيام ) . ويضيف طوقان: أجرت إذاعة لندن حديثاً معي أذيع أكثر من مره وقلنا يومها إن تراثاً إنسانياً شيد قبل مئات السنين تم ذبحه بالمتفجرات على يد الصهاينة المحتلين . وإن مخططاً رهيباً يستهدف البلدة القديمة من مدينة نابلس .في تلك الأثناء التقيت في باريس مع المدير العام لمنظمة اليونسكو فريدريكو ماير في مكتبه بمقر المنظمة وقدمت له مذكرة تضمنت بالإضافة إلى ما يتهدد تراث البلدة القديمة من نابلس من مخاطر، وما لحق بها وبمبانيها القديمة من هدم وتدمير، وما هو مبيت لها في المستقبل، تضمنت المذكرة طلباً بأن تدرج مدينة نابلس كمدينة أثرية من أجل حمايتها من العدوان الصهيوني المستمر عليها. وأضاف الباحث : كثيرة هي المآسي والكوارث التي خلفها هذا الاجتياح العسكري على صعد شتى، إلا أن استهداف نابلس القديمة بميراثها التاريخي والحضاري قد ترك جراحات من الصعب اندمالها، والنابلسيون ما زالوا يتذكرون زلزال العام 1927 الذي ضرب فلسطين بعامة ونابلس بخاصة. وبرغم شدته وقسوته فإن هذا الزلزال لم ينل من هذه المدينة ما ناله هذا الاجتياح العسكري الأخير الذي استهدف عامداً متعمداً النيل من تراثها الحضاري وانتمائها إلى التاريخ والأصالة، إن صورة نابلس القديمة التي عرفتها الأجيال تلو الأجيال قد تغيرت بعض ملامحها ، فثمة فراغات غريبة لا تكاد تصدقها العيون تشاهد لأول مرة في تاريخها جراء التدمير الاجتياحي البربري ، وثمة غياب لمعالم حضارية تاريخية عاشت قروناً مع الأجيال.

No comments: