Wednesday, November 15, 2006

غضب

ما الذي يمكن قوله في زمن التناقضات , حتماً اي شيء الا التناقض ..منذ عامين تحديداً اعلنت وفاة الزعيم الفلسطيني أبو عمار بعد ايام من الترقب والقلق, بعضنا لو استطاع ان يوقف الزمن لما توانى , والبعض الأخر لم يكن في واد التأثر , سواء لاعتبارات سياسية او فكرية او حتى هامشية .قضى أبو عمار, فاحتشد الشارع والأغلبية بحكم العادة والفضول , تبعثرت كلمات الخطباء على مسامعنا ولم نسمع, فالطلقات النارية تهدد وتتوعد لا نعرف من , والأهم من هذا وذاك أن النشيد الوطني المسجل أخذ يصدح ايذاناً بانهاء التجمع , بعد أن أفرغ الجميع ما له وما عليه من سخط وسباب , وبقيت كلمات بلادي بلادي يا ارضي يا ارض الجدود دون مرددين , اليافطات والصور تتلاقفها الأرجل , تخالها صور قاتل ابو عمار .قضى الختيار, والتأهب لتشيعه والتجهيزات تمت قبل غيبوبته الأخيره , وظني أنها اُعدًت قبل مرضه, حتى لا تعرقل الاستعداد للعيد , ألم نتفق أنه مكان التناقضات ! فجنازة ثم عيد .. , مرة أخرى وكأن ساحة المقاطعة في رام الله خلت من دونها الساحات , والمثوى الأخير رابض لا يتحرك , توارت كوفيته ولم تُوارى , فليس في فلسطين كلها من هو أهل لأن يواريها . قضى أبو عمار وتوارى, ومعه ثلاث جنازات بثلات هويات وأمكنة , أما ذاك الحشد فعاد كأن شيئاً لم يكن , اليوم نحيب وغداً عيد , ( وأبو عمار ما بيزعل ) , الله أكبر الله أكبر زيارة المقابر واجب على كل حي , نخيل وتهاني بالعيد يتبعها الله يرحمه بكرا منشوف شو بيصير , أي اقلب الصفحة . أبو خليل بائع الجرائد الأعمى لا زال أعمى ويصر أن ينظر في يده حيث تضع ثمن الجريده , فان كان المبلغ كاملاً يشير لك على العنوان الأهم , كرماً منه , رغم أن صوته الأجش يعلن ما فيها مع التعليق, تماماً كما فعل يوم سمعته للمرة الأولى يعلن الثورة الاسلامية في ايران , وعودة الخميني المظفرة , أبو خليل ذاك الصباح صوته حزين ولم يشر لي على العنوان العريض علماً باني دفعت الثمن كاملاً , واكتفى بالصورة الكبيرة تحت عبارة " جنازات رسمية " , وكأن ما كان بالأمس سراباً ويكفينا عطف زعماء الغرب والشرق . اختصرت فلسطين وزعيمها بجنازات رسمية .عام مضى , ولم نتفق أقتل عرفات أم قضى بأمر ربه, لا وقت ولا مكان لمثل هذا فغداً انتخابات ومستقبل فلسطين وشعبها معلق باذنابها , فلا تشاغل ولا تكاسل , اللي راح راح واحنا ولاد اليوم .مواكب الموت في وطني لا ترتحل , تتكاثر اعدادها ولا نعتادها , نهارنا نحيب وزغاريد , أما ليلنا فقرعٌ للطبول . اخرها حين تهدم البيت على ساكنيه , وحانون تعصف فينا كما عصفت بيوتٌ سبقتها , اليوم لا صلح ولا اتفاق , فالمحتل لا يزال , والقتل لا يزال ام تراكم نسيتم وتريدون الاتفاق ..!!!!؟البروتوكول ذاته في كل مرة , تعازي وحداد وأغاني وطنية تصدح في الاذاعات , وجديدها أقوال لحسن نصرالله يخطب فينا كل لحظة , ولسان حالهم يقول اللي ما له كبير بيشتري كبير . يا للمجد ويا للوفاء , فبيت حانون تعيد لنا ذكرى عزيز قوم رحل , رُفعت اليافطات من جديد ونصبت منصات الخطباء والكوفية المختصرة لشال على الرقبة تحمل في نهايتها صورة ابو عمار , الذي عاد بعد عامين على الرحيل , نحزن عليه ونتذكره اليوم فقط فغداً عيد , عيد الاستقلال ...!!! _ تصحيح عيد اعلان الاستقلال _ ..نعم نحن مستقلون والمحتل ينهش فينا, نعم نحن مقاومون ولا زلنا نختلف على تعريف المقاومة , نعم نحن شعب صامد ونقول افٍ ليوم الغضب, نعم لن نرتحل ولكننا نحتشد على المعابر .قضى أبو عمار...قضت جنين ونابلس وقباطية وفلسطين سواء , احتفلوا اليوم استقلال وغداً جنازة ... فهذا زمن اللا زمن .مكان اللا شيء وحيز تزدحم فيه جميع الأمكنة . حين ترى العامل والموظف يعملون وهم عاطلون عن العمل او معتكفون .أمهات يزغردن ان بشرن باستشهاد ابنائهن .فهذا وطن لا أهل له.وهذا شعبٌ لا قائد فيه .

No comments: