Sunday, May 14, 2006

مبادرتان صناعة فلسطينية


أطراف النهار
مبادرتان صناعة فلسطينية
حسن البطل

سنحمّل أيارنا هذا ما نحتمل من "بشائر" صغيرة وواعدة، فوق ما نحتمل من ذكريات نكبوية، ومن وقائع سياسية راهنة صعبة. ماذا في ايدينا؟ مبادرتان وطنيتان جاءتا من المجتمع المدني ومن الحركة الأسيرة.جاءت مبادرة المجتمع المدني من خارج "المجتمع الفصائلي"، وأما مبادرة كبار قادة الحركة الأسيرة، فقد صدرت من صلب المجتمع الفصائلي. قد تبدو القواعد الثلاث لمبادرة المجتمع المدني للخروج من الأزمة الى الحل بسيطة حتى البداهة، لكنها صدرت عن قطاع شعبي واسع، يمكن الاشارة إليه بصفته "الغالبية الصامتة"، لكن مبادرة تسمى "وثيقة الوفاق الوطني" لها شأن آخر. إنها مشروع برنامج من 18 نقطة أو بنداً، قد تشكل قاعدة انطلاق لا تقل أهمية برنامجية عما شكلته وثيقة "النقاط العشر" المنظماتية- الفصائلية، قبل أكثر من ثلاثين سنة.رئاسة السلطة تقبلت وثمنت مبادرة المجتمع المدني، لكن رئاسة السلطة والغالبية الفصائلية، بل واللجنة التنفيذية للمنظمة رحبوا بمبادرة قادة الحركة الأسيرة. يمكننا، كفلسطينيين، فهم واحتمال اسباب وساوس حركة "حماس" من ان أطراف الحصار المطبق من حولها تنسق فيما بينها، وحتى "تتآمر" على حكومة الحركة. غير أن أية هواجس لـ "حماس" من مبادرتين محليتين ووطنيتين لا مكان لها.تشير مبادرة القطاع المدني وقطاع الحركة الأسيرة الى أن غالبية شعبية وغالبية فصائلية تشكلان ثقلاً لا يقل في أهميته عما تشكله حكومة "حماس" من غالبية برلمانية منتخبة.المجتمع المدني سوف يشارك في مؤتمر الحوار الوطني المزمع يومي 24 و 25 الشهر الجاري. الحركة الأسيرة، داخل السجن الاسرائيلي وليست خارجه، لن تشارك وجاهياً، غير أن "وثيقة الحوار الوطني" ستكون أبرز المطروح للنقاش في مؤتمر الحوار. على "حماس" أن لا تعزل نفسها بيديها.قابلت حركة "حماس" مبادرة المجتمع المدني بشيء من التجاهل والاستخفاف، مع هجمات جانبية. لكن، بصدد وثيقة الأسرى تلعثمت أكثر من تلعثمها العابر في تفسير حكومة "حماس" لمواقف حركة "حماس"، وفي تفسير حركة "حماس" - الداخل لمواقف حركة "حماس" - الخارج.هذه المرة، بصدد وثيقة قادة الحركة الأسيرة، هناك ما يشبه حالة إجماع فصائلية، حتى أن فصيل "الجهاد الاسلامي" الذي دعم الموقف السياسي النضالي لحكومة "حماس"، شارك في وضع الوثيقة، ولو أن ممثلها في السجون، الشيخ بسام السعدي، تحفظ على البند المتعلق بالمفاوضات، وأن قيادتها السياسية خارج السجن اعتبرتها أفكاراً للحوار. هذا جيد: وافق مع الجماعة.. وتحفظ على ما لا توافق عليه، أو اعتراض عليه.يمكن، بالطبع، اختزال وثيقة الـ 18 نبداً، الى عشرة بنود. يمكن، كذلك، أن تضيف "حماس" او سواها تحفظاً آخر قبل إقرارها من مؤتمر الحوار.. وأخيراً، يمكن تطويل ذيلها الى 30 بنداً.لعل البند الأول هو الاهم سياسياً، لأنه حدّد الهدف المركزي للشعب في الوطن والمنافي بانجاز الحق في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، استناداً الى "الحق التاريخي"، كما إلى ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وما كفلته الشرعية الدولية.لا تقول الحركة الأسيرة ما يقوله بعض ناطقي حماس: حق المقاومة أولاً.. وإلا لتذهب السلطة الفلسطينية الى الجحيم، بل تعتبر السلطة نواة الدولة، وهي ثمرة كفاح وتضحيات.يوافق البند السادس من الوثيقة على جوهر مبادرة المجتمع المدني في تشكيل حكومة وحدة وطنية، ودور م.ت.ف ورئاسة السلطة في ادارة المفاوضات (مع تحفظ "الجهاد") على أن يتم عرض أي اتفاق على مجلس وطني جديد، أو إجراء استفتاء عام "حيثما أمكن".هناك جديد، عملي وواقعي، في وثيقة الأسرى، هو البند 15 الذي يحث على فحص واعتماد أفضل الوسائل والأساليب، بما يجعل قطاع غزة الصامد رافعة قوية وحقيقية لدعم صمود الشعب في الضفة والقدس.ü ü üالفصائلية الفلسطينية طول عمرها شاطرة في الوفاق البرنامجي وعندما كانت اقدامها معلقة في هواء المنفى او جحيمه. الآن، صارت لدينا أرض صغيرة، وديمقراطية ممأسسة، وتجربة حكم واقعية.. وآفاق حلول واقعية.إذا صعب على "حماس" تجرع المبادرات والحلول الخارجية.. فلماذا يصعب عليها قبول مبادرتين صدرتا من الغالبية الشعبية والغالبية الفصائلية؟ نأمل خيراً.

No comments: